اللواء وجية الدخاخنى يكتب ريح الجنوب الساخنة

عبر التاريخ لم تكن مصر قوية إلا من خلال الجنوب في حين كانت غالبية تحركها شرقا اما نقطة ضعف او اضعاف للدولة المصرية، فمنذ الفراعنة حتى عصر محمد على الكبيركانت الحركة المصرية شرقا فى اطار حملات تأديب وردع استنادا لقوة الدولة وثباتها فى الجنوب وتلك احد الثوابت الاستراتيجية عبر التاريخ يجب الا يغفلها صانع القرار المصري مطلقا.

وخلال العقود الماضية منذ الخلاف السياسي بين عبد الناصر والامبراطور هيلاسلاسى وما اعقبه من جفاء ثم انفصال للكنيسة الأثيوبية عن الكنيسة الام فى مصر اغفل صانع القرار في مصر جنوبه مقدرا تفوقه في مواجهة ضعف دول الجنوب متناسيا ضرورة الاحتفاظ بحد ادنى من التوافق والتلاقي ومع انفصال إريتريا عن إثيوبيا فى التسعينات وجنوب السودان عن شماله بداية القرن الحالي ومجئ الربيع العربي ليعصف بزهور المودة في بستان الجنوب وليضع مصر أمام مواجهات بالجنوب بلا خيارات إلا و احلاها مر،

فالسودان برئاسة البشير الاخوانى المنشأ و المنتهى يقدم كل التسهيلات عبر أراضيه ولنراجع قيادات الإخوان المسلمين لقطر عبر السودان كما يساند إثيوبيا في مشروع سد النهضة ويجاهر بسودانية حلايب وشلاتين المصرية ويلوح باستمرار شكواه في مجلس الأمن ،

وأسفله جنوب السودان الذى رفض العروبة وأصر على افريقيته يعانى صراعات واقتتال داخلي على السلطة وتبذل مصر رغم ظروفها كل الجهد لحل مشاكله والمشاركة الجادة فى تنميتهثم يتقاعس عن احياء مشروعات التعاون المائى مع مصر ( قناة قونقلى) بل تتجاوز وتعارض عضوية مصر في الاخيرة بمجلس الأمن.

وعودة لدولة المنبع الرئيسية لنهر النيل إثيوبيا ( 84% من إيرادات النهر لمصر من هضبة الحبشة ) والتي من الواضح ان موروثها التاريخى المناوئ لأهل الشمال و مصر قد تجاوز حده الى مرحلة العداء مستندة. لخروج معظم الدول العربية من الخدمة اما لعطل في القيادة او لانهيار بعضها تحت وطأة الربيع العربى المشؤوم والمستمر تابعاته حتى الآن،

وفى الحقيقة كان هناك مؤشر شديد الخطورة لتزايد الدور الأثيوبي الاقليمى بقيادتها قوة حفظ السلام في الصومال العربى على حساب مصر ودول الخليج والعرب ككل. خلال فترة غيبوبة الدولة المصرية عقب يناير 2011 والعام الاسود لحكم الإخوان المسلمين ضربت إثيوبيا بعرض الحائط كل المواثيق و المعاهدات الدولية وشرعت في إنشاء سد النهضة وقاربت على إنجازه دون الاتفاق مع دول المصب او مراجعة علمية أو فنية، وحينما افاقت مصر من الربيع العربي الزعوم تلاعبت إثيوبيا بعامل الوقت لتجبر مصر على قبول مشروعها بكل مؤثثراته السلبية، ورغم مشروعية الحقوق الأثيوبية فى التنمية وفى اطار المعاهدات والحقوق التاريخية الثابتة لمصر ووفقا لضوابط علمية وفنية تمثل محل الخلاف كارتفاع السد و حجم المياة المخزنة خلفه ومدة التخزين ومؤثرات ذلك على مصر وباعتبار أن السودان يعتمد على الزراعة المطرية.

وفى ظل هذه العوامل الاعتبارات طالعتنا وسائل الإعلام بانباء عن اول زيارة لرئيس امريكى لاثيوبيا يعقبها زيارة للرئيس التركى الاخوانى أردوغان للمرة الثالثة، هذه الريح المعروفة في لغتنا العربية بنذير الشؤم الأمر الذى يلزم معه أن تدرك مصر ان اللقاءات السياسية المفعمة بالاحضان وتشابك الايدى دون اتفاقيات صريحة وموثقة ما هي إلا مسكنات وتخدير لمصر يخفى ورائه قضية حياة اولا حياة للمصريين. ورغم ان صانع القرار في مصر على المحك وفى كل الاتجاهات إلا ان الواقع الحالى يفرض التفكير في كل الخيارات المتاحة دون اغفابل اى منها ،

ولنعلم ان إثيوبيا رغم عمق تاريخها دولة ذات تكوينه قبلية عنصرية يسيطر عليها الامهرة وبمشاركة من التيجراى وهناك قبائل مهمشة ولا تملك دور مؤثر هم وقبائل الاوجادين المجاور للصومال وتلك احد نقاط الضعف الرئيسية بالدولة.

وأخيراً تبقى الطبيعة والاختيار الإلهى القدرى المتمثل فى الطبيعة الرسوبية الهشة نسبياً لمنطقة السد وخزانه المائى وتوقعات علمية بعدم قدراتها على تحمل حجم المخزون المائى المنتظر وتوقعات بتولد مراكز زلازل قوية يتوقع امتداد آثارها لمنطقة القرن الأفريقي وجنوب الجزيرة العربية فماذا نحن فاعلون ؟ أم سننتظر الحل من العناية الإلهية التى تفرض عدلها كأساس للملك .

التعليقات

أخبار ذات صلة

صفحتنا على فيسبوك

آخر التغريدات