مساوئ الدولة العثمانية .

شكّلت الدولة العثمانية واحدة من أطول الإمبراطوريات عمراً في التاريخ، وامتد نفوذها لقرون في الشرق الأوسط وأوروبا والبلقان. ورغم ما حققته من توسعات وإنجازات عسكرية وإدارية، فإن مسيرتها لم تخلُ من سلبيات واضحة تركت آثاراً كبيرة على الشعوب التي حكمتها. وفي هذا المقال نستعرض أبرز مساوئ الدولة العثمانية من جوانب سياسية واجتماعية واقتصادية. 1. النظام المركزي الصارم وإضعاف الولايات اعتمد العثمانيون على مركزية شديدة في الحكم، حيث كانت معظم القرارات تُتخذ في إسطنبول دون مراعاة لخصوصيات الولايات المختلفة. أدى ذلك إلى: تعطّل الإدارة المحلية. ضعف التنمية في المناطق البعيدة. اعتماد الولايات كلياً على السلطة المركزية دون بناء مؤسسات قوية محلية. هذا جعل كثيراً من المناطق عاجزة عن التطور الذاتي بعد خروج العثمانيين منها. 2. تراجع العلم وتجميد النهضة الفكرية في العصور المتأخرة، سادت روح المحافظة والانغلاق على العلم الحديث. تجلّى ذلك في: رفض تحديث الجيش لفترات طويلة. تأخر تأسيس المدارس الحديثة والجامعات. محاربة بعض أشكال الطباعة والكتب في بداية انتشارها. نتيجة ذلك أن العالم العربي – خصوصاً – دخل العصر الحديث وهو متأخر علمياً وتقنياً مقارنة بأوروبا. 3. نظام الضرائب المرهق (الملتزمين) كان النظام الضريبي من إثقل المساوئ على الشعوب، حيث: تُمنح جباية الضرائب لأفراد يسمّون “الملتزمين”. يقوم هؤلاء بفرض ضرائب باهظة لتحقيق أرباح شخصية. تعرض الفلاحون للسخرة والإجبار على العمل بلا مقابل. هذا أدى إلى تهجير الكثير من سكان القرى وتراجع الزراعة. 4. الفساد الإداري في أواخر الدولة كلما ضعفت الدولة زاد الفساد في مؤسساتها، ومن مظاهره: بيع المناصب بالمال. تدخل النفوذ الأجنبي في التعيينات. ضعف الرقابة على الحكام المحليين. نتج عن ذلك ظلم الناس وانتشار الرشوة والانحلال الإداري. 5. التجنيد الإجباري والإنكشارية نظام “الدوشرمة” كان من أكثر السياسات قسوة، حيث يتم: أخذ الأطفال من أسرهم المسيحية بالقوة. تحويلهم إلى جنود إنكشارية أو موظفين في الدولة بعد تربيتهم على الولاء المطلق للسلطنة. هذا أثر سلباً في النسيج الاجتماعي في البلقان، وترك مرارة تاريخية لدى تلك الشعوب. 6. ضعف البنية الاقتصادية وتخلف الصناعة لم تهتم الدولة بالصناعة أو الاقتصاد الحديث، بل اعتمدت على: الجباية. التجارة التقليدية. احتكار بعض السلع. في الوقت الذي كانت أوروبا تدخل مرحلة الثورة الصناعية، بقيت الدولة العثمانية تعتمد على أساليب بدائية مما أدى إلى فجوة حضارية كبيرة. 7. التراجع العسكري والاعتماد على الغرب في القرون الأخيرة، أظهرت الدولة: تراجعاً واضحاً في القوة العسكرية. اعتماداً متزايداً على الخبراء الأوروبيين. هزائم متتالية أمام روسيا والنمسا، مما أدى إلى فقدان أراضٍ واسعة. هذا الضعف ساهم في النهاية في انهيار الدولة. 8. القمع السياسي ورفض الإصلاحات رفضت الدولة العديد من الحركات الإصلاحية، كما: قمعت بعض الثورات بطريقة عنيفة. منعت المعارضة السياسية. عطّلت الدستور لسنوات طويلة. وبذلك تأخر العالم العربي والأناضول عن بناء مجتمع سياسي حديث قائم على المشاركة. الخلاصة لم تكن الدولة العثمانية شراً مطلقاً ولا خيراً مطلقاً؛ لكنها ، كغيرها من الإمبراطوريات ،حملت جوانب سلبية أثرت في الشعوب التي خضعت لحكمها. تتمثل أبرز سلبياتها في ضعف الإدارة، وتراجع العلم، والفساد، والجمود الاقتصادي، والقمع السياسي، ما جعل إرثها ملتبساً بين الإنجاز والقصور.

التعليقات

أخبار ذات صلة

صفحتنا على فيسبوك

آخر التغريدات