عايز إيه ياعمو.. جريمة «البريئة والعريس» في الزراعات

انقلبت القرية الهادئة فجأة، حركة سريعة يمينا ويسارا، النساء يتبادلن الحديث في غضب، «يا خبر دا القيامة هتقوم، هو محمد بن الحاج صالح كل شوية يغتصب طفلة، والموضوع يخلص بالفلوس»، قبل المشهد الأخير بدقائق كانت هناك في الزراعات صغيرة تصرخ ويرتعش جسدها النحيف من الخوف، تستجدى غاصبها «حرام عليك إنت عاوز تقتلني ليه يا عمو؟»، لحظات رعب سيطرت على الطفلة “يمنى.ج” 4 سنوات، فلم يرحمها شاب يدعى “محمد” 25 عاما، هتك عرضها، رغم أنه لم يمر علي زواجه 45 يوما، الجريمة وقعت في قرية «وقف بحري»، التابعة لمركز مطوبس بمحافظة كفر الشيخ وإلى التفاصيل..

كسرة نفس

في أسى وحزن شديد وكسرة ووجع، يحكي والد الطفلة «جمعة جبر»، تفاصيل المأساة «أنا رجل فلاح بسيط أعيش في قرية ريفية تحكمها عادات وتقاليد صارمة، أهمها وبدون تفاهم أن الشرف غال والعرض هو الكرامة، وأول حاجة بنعلمها لبناتنا هو الحفاظ على العرض حتى يتم زواجهن، عمري لم يتعد الـ”30″ عاما، وأسرتي بسيطة مكونة من زوجتي وثلاثة أطفال، طفلة عمرها 6 سنوات وأخرى أربع سنوات وطفل رضيع لم يتعد عمره الـ”13 شهرا».

يضيف الأب: «قريتنا صغيرة والجميع يعرف بعضه بعضا، وأبناء القرية جميعهم إخوة، وفي اليوم المشئوم كانت زوجتي تحضر الطعام واكتشفت أن البصل خلص، طلبت من “يمنى” أن تذهب لشرائه، وتشتري لها كيس شيبسي وكيكة وترجع على طول، من محل مجاور لا يبعد عن المنزل 300 متر، كان وقتها يقف “المجرم يتربص بابنتي وهو يروي أرضه، ونادى عليها، راحت بكل براءة تشوفه عايز إيه، وفجأة خدها بالعافية ودخل بيها وسط الأرض الزراعية وقام بهتك عرضها “بالإصبع”.         

يحبس «عم جمعة» دموعه قبل أن يستأنف في ألم «المجرم سابها تنزف وغرقانة في دمها، من كتر الخوف ماكانتش عارفة تتحرك لكنها حاولت ورجعت على البيت، كان منظرها مرعب، صراخ والدتها جعلها تفقد الوعي، ولكن عادت لوعيها مرة أخرى وحكت لنا ما حدث معها».

يستكمل والد يمنى: «ابنتي وصفت الشخص المعتدي عليها، وقبلها أخذتها إلى طبيبة النسا الأقرب إلى قريتنا لتؤكد أنها تعرضت لهتك عرض، ومن هنا انتفضت لأخذ حق ابنتي، وتوجهت على الفور وتقدمت ببلاغ رسمي ولم أشعر بالخجل من أن أدافع عن طفلتي بذكر الواقعة ورصدها في محضر موثق، كما هي العادة في المجتمع الريفي يتكتمون على الخبر، خوفا من العار كونها فتاة وستظل الواقعة تلاحقها وتلاحق سمعتها، لكن دفاعي عن حق ابنتي ومعاقبة المذنب هو هدفي الحالي ولا يشغلني ما الذي سيحدث بعد، حتى لو هسيب مكاني».

جريمة مع سبق الإصرار

الكشف المبدئي أثبت نصا «وجود آثار دم متجلط بمنطقة المهبل وتعرض غشاء البكارة للضرر الجزئي»، ثم تم عرض المجني عليها الصغيرة على طبيب أمراض نساء وأثبت صحة الواقعة، بحسب تأكيد الأب.

«الغريب في الأمر أن الشاب حاول إنكار الواقعة في البداية هو وأسرته، وكانت حجتهم أن “ابنهم عريس جديد هيعمل كده ليه، ودي طفلة مش فاهمة حاجة ممكن تكون غلطانة أو حد قالها تقول كده” إلا أنني بعد اتخاذ الإجراءات الرسمية ضده في محضر رسمي، فر هاربا من القرية، خوفا على حياته، خاصة أن الواقعة لم تكن الأولى للشاب المتهم، بل قام من قبل بوقائع سابقة، إلا أن الفتاة كانت كبيرة في السن وقاومته وفرت قبل اغتصابها».. أضاف الأب في شجاعة ومسئولية.

لا تفاوض

ويستفيض رب الأسرة وهو يحتضن ابنته الجريحة «حاولت عائلته التفاوض معي لعمل جلسة عرفية مقابل إعطائي مبلغا ماليا، إلا أنني رفضت، وتقدمت ببلاغ رسمي مدون بالواقعة يحمل رقم “2297” لعام 2018 ببلاغ للنائب العام، مرفقا بالكشوفات المبدئية التي أكدت الواقعة رسميا وتعرض الطفلة لـ”هتك عرض” وتعرض غشاء البكارة للضرر الجزئي».

ويشير إلى أنه رفض الجلسة العرفية لأنه في حالة خضوعه للجلسة العرفية سوف تتعرض ابنته للمذلة طوال حياتها ولن تنسى ما حدث معها لأنها سترى الجاني حرًّا طليقا يسير في القرية دون عقاب، كما حدث معه من قبل وأهل الفتاة السابقة لم يحصلوا منه على أي شيء وتعرضت الفتاة للحديث القاتل عن سمعتها.

«عايز حق بنتي دي طفلة اتعرضت لجريمة وحشية وأصبحت تعاني من حالة عصبية ورهبة في الخروج من المنزل».. هكذا اختتم الأب جمعة حديثه الجريء عن الجريمة.

في المقابل تحول منزل عم جمعة إلى ما يشبه سرادق العزاء، وتوافدت سيدات القرية ممن تعاطفن مع جارتهن وابنتها، لمواساتها، “الولد ده لازم يتحبس عشان بنات الناس مش لعبة”، بينما تنزوي الطفلة في غرفتها محاولة البحث عن تفسير لما حدث، دون جدوى.

مؤبد

من جهته أكد المحامي محمد منصور المسؤول عن القضية، أن الواقعة لم تكن الأولى للمعتدي على الطفلة وقريته على علم بذلك، لكن تلك الوقائع تم حلها بجلسات عرفية بين الأهالي بعيدا عن ساحات القانون.

وأضاف المحامي أنه بعد استكمال الأوراق الرسمية الخاصة بالقضية وثبوت الواقعة، قد تصل العقوبة للأشغال الشاقة، حسب القانون، حيث إن المادة “268” من قانون العقوبات تنص على “أن كل من هتك عرض إنسان بالقوة أو بالتهديد أو شرع في ذلك يعاقب بالأشغال الشاقة من ثلاث إلى سبع سنوات، وإذا كان عمر من وقعت عليه الجريمة المذكورة لم يبلغ ست عشرة سنة كاملة، أو كان مرتكبها ممن نصت عليهم الفقرة الثانية من المادة “267” يجوز بلوغ مدة العقوبة إلى أقصى الحد المقرر للأشغال الشاقة المؤقتة، وإذا اجتمع هذان الشرطان معًا يحكم بالأشغال الشاقة المؤبدة، وهذا ما نطلبه، تطبيق أقصى العقوبة على المعتدي على الطفلة، حتى لايعود لفعلته.

التعليقات

أخبار ذات صلة

صفحتنا على فيسبوك

آخر التغريدات